قصة قصيرة
بقلم: مرشد سعيد الأحمد
ثقافة هدّامة
لقد كان للأقليات التي هاجرت إلى تل ألمگأصيص الدور الأكبر في تطور الحياة الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية فأصبحت بعد ثلاثينيات القرن الماضي لوحة فسيفسائية جميلة تضم معظم أطياف المجتمع السوري الجميل.
وعملت هذه الأقليات في التجارة من خلال المحالّ التجارية والخانات التي تشتري منتجات أبناء الريف الزراعية والحيوانية كالسمن والصوف وغيرها وكان تعامل هذه الأقليات راقي يتماشى مع ثقافة ابن الريف البسيط والساذج والطيب القلب الذي يصدق كل ما يُقال له لكسب وده والاستفادة منه مادياً وهذه الطيبة كانت توقعه ضحية بيد البعض من فاقدي الأخلاق والضمير.
من هذه الأقليات جماعة أبو سنان الذي هاجروا من جبال سنجار وسكنوا تل ألمگأصيص في ثلاثينيات القرن الماضي.
هذا الرجل استطاع من خلال حسن تعامله وصدقه وجديته في عمله من تكوين ثروة طائلة وكسب ود الجميع من أبناء المنطقة.
فكانت تربيته لأولاده تربية راقية وحضارية من خلال تعليمهم في المدارس والجامعات حيث درس ابنه سنان الهندسة الزراعية وتخرج منها مهندس زراعي وتسلم بعد أدائه خدمة العلم موقع حساس في مديرية الزراعة.
هذا الشاب يتميز عن بقية أبناء تل ألمگأصيص ببشرته الشقراء وشعره الذهبي وعيونه الملونة وقامته الطويلة
وبحديثه الدبلوماسي المجامل والمبني على احترام كل من يتعامل معه.
فذاع صيته في المنطقة وأصبح حديث الجميع لما يقدمه من خدمات للناس واستقبالهم ومساعدة الفقير منهم حتى مادياً في بعض الحالات.
وفي إحدى خيم العزاء ذُكِر اسمه وتحدث الجميع عنه بالخير وكل ما هو إيجابي إلا رجل اسمه خلف الذي يعتبر شيخ ووجيه في عشيرته.
فقد تحدث عنه قائلاً:
لا يستطيع أي رجل أن ينكر صفات هذا الرجل( الزينة )
لكن الرجل الذي لا يصوم رمضان لا يستحق كل هذا الاهتمام وهذا المدح فرد عليه أحدهم هذا الرجل صيامه يختلف عن صيامنا وديانته تختلف عن ديانتنا .
وعندها ضرب خلف يديه على بعضهما عدة مرات وهو يردد بالعامية العبارة : ( باطل هالزلمة الزين بكرا راح يتشلوط في نار جهنم والله ماىيستاهل )
وتعني أن هذا الرجل كونه ليس مسلماً سيدخل نار جهنم على الرغم من كل إيجابياته وصدقه في المعاملة
مما دفع معلم القرية إلى المشاركة في الحديث حيث ترجّل في خطبة فيها الكثير من المواعظ والحِكم
حيث قال: لقد استطاع أعداء البشرية من خلال تزويرهم لأحاديث نبوية وفتاوى مسيّسة إلى تقسيم المجتمعات الشرقية إلى قوميات ومذاهب يكفّر بعضها البعض وكل منها يبحث عن كل الذرائع ليدخل الآخر في نار جهنم وهذه المجتمعات التي أصبحت تقيّم الإنسان من خلال تطبيق الشعائر الدينية دون الاهتمام بالأخلاق هي مجتمعات متخلفة ينتشر فيها الفساد والكذب والنفاق لم تفهم قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(17)
فلا يجوز لأي إنسان أن يحدد مصير أي إنسان في الآخرة
الا الله -سبحانه وتعالى-..
انتهت
ملاحظة:
ليس من اختصاصي الكتابة في الأمور الدينية
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire